قبل ٦٠ عاماً من اليوم، في 25 مايو/أيار 1963، انطلقت مجموعة من 32 دولة أفريقية مستقلة في رحلة عظيمة.
ففي مثل هذا اليوم كل عام، تعقد احتفالية يوم أفريقيا، حيث اجتمع مندوبو هذه الدول في أديس أبابا بإثيوبيا لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، وكانت لحظة تاريخية جسدت كفاح أفريقيا الطويل من أجل الحرية والرخاء للجميع.
وبمرور الوقت، نمت منظمة الوحدة الأفريقية وتطورت لتصبح الاتحاد الأفريقي اليوم، وهو شراكة تضم 55 دولة عضوًا بهدف تعزيز التعاون الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي في قارة ديناميكية سريعة النمو بها أكثر من 1.4 مليار نسمة.
ولا تزال أفريقيا تسير على الدرب على قدم وساق. وفي عام 2023، اختار الاتحاد الأفريقي موضوع "تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية"، مشددا على أهمية الوحدة والقوة الاقتصادية وسط أزمات عالمية متعددة ومتداخلة.
موجات العمل والإنجازات
في عام 1963، كانت آثار الاستعمار لا زالت قائمة، بما في ذلك بالنسبة للدول الأفريقية المستقلة، وكانت القارة فقيرة إلى حد كبير، ومعظم أراضيها مناطق ريفية، وبدأت القارة تستشرف آفاق العالم. واليوم، يتكشف التأثير الثقافي لأفريقيا في جميع أنحاء العالم، وتشهد مدنها واقتصاداتها نمواً، ويحقق سكانها من الشباب العديد من الإنجازات في قطاعات التمويل والتكنولوجيا والصناعات التحويلية وغيرها من القطاعات.
ومع ذلك، فإن العديد من البلدان الأفريقية من بين أشد بلدان العالم فقرا، ومعدلات البطالة مرتفعة للغاية في جميع أنحاء القارة، والمؤشرات الصحية والاجتماعية متخلفة إلى حد بعيد. ويشكل تغير المناخ تهديدا متزايدا قد يؤدي إلى تراجع الكثير من التقدم الذي أحرزته أفريقيا في الآونة الأخيرة.
وتعليقا على ذلك، قال سيرجيو بيمينتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لشؤون منطقة أفريقيا: "على الرغم من التحديات الحقيقية الكبرى، إلا إنني متفائل بشدة بشأن مستقبل أفريقيا، فقد كان التقدم الذي أحرزته أفريقيا في العشرين عامًا الماضية ملحوظًا، وعلى الرغم من أن هناك الكثير من الإنجازات التي لم تتحقق بعد، فإن أفريقيا لم تعد تابعة بل أصبحت مبتكرة ورائدة في العديد من المجالات، وشبابها هم الركيزة الواعدة لتحقيق المزيد من أجل المستقبل"
صورة: دومينيك شافيز/ مؤسسة التمويل الدولية
أرقام قياسية في مجال التمويل
تعتبر أفريقيا بالنسبة لمؤسسة التمويل الدولية محور تركيز رئيسي ويزداد اهتمام المؤسسة بها.
وفي السنة المالية 2022، قدمت المؤسسة تمويلًا قياسيًا بلغ 9.4 مليارات دولار إلى 36 دولة أفريقية، وهو أكبر تمويل سنوي قدمته المؤسسة على الإطلاق للقارة. ويساعد هذا التمويل على تطوير صناعات الأدوية إقليمياً، وزيادة التجارة بين بلدان أفريقيا، وتوسيع نطاق الحصول على تمويل الأنشطة المناخية، وتعزيز الأمن الغذائي، وغير ذلك من الأولويات.
وفيما يتعلق بالتجارة، وهو موضوع الاتحاد الأفريقي لعام 2023، تضمنت استثمارات مؤسسة التمويل الدولية في السنة المالية الماضية 3 مليارات دولار لتمويل التجارة بهدف المساعدة في إطلاق تجارة حرة بين بلدان أفريقيا. وفي عام 2022، أطلقت المؤسسة أيضا برنامج تمويل التجارة وسلاسل الإمداد في أفريقيا بقيمة مليار دولار.
وفي هذا الصدد قال بيمينتا " تعتبر التجارة محور تركيز ممتاز لأفريقيا لأنها تعنى اكثر بكثير من مجرد نقل السلع والخدمات عبر الحدود، فهي تبني جسورا اقتصادية واجتماعية، وتعمل على تسهيل نقل المعرفة، وتعزز نتائج تعود بالنفع على جميع البلدان المشاركة. ويعكس دعم مؤسسة التمويل الدولية لزيادة التجارة بين البلدان الأفريقية إستراتيجيتنا الرامية نحو تشجيع نمو القطاع الخاص الذي يحقق منافع مستدامة ودائمة."
صورة: دومينيك شافيز/ مؤسسة التمويل الدولية
منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية
ظلت أفريقيا، لفترة طويلة للغاية، مقسمة بسبب التعريفات والحواجز الجمركية التي أدت في أغلب الأحوال إلى تسهيل تجارة الشركات الأفريقية مع الأسواق الخارجية بدلا من أسواق القارة نفسها.
وتم إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية للحد من هذه الحواجز وإزالتها. ودخلت مرحلتها الأولى حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2021، بهدف تحقيق منافع ملموسة ودائمة من حيث خلق فرص العمل وتحقيق النمو والحد من الفقر.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن ربط القارة من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية بطرق تجارة سلسة وقوية - المادية والافتراضية - سيسهم في توحيد القارة على نحو لم يحدث من قبل ليس اقتصاديا فحسب، ولكن ثقافيا أيضا مع زيادة الاعتماد المتبادل ولم شمل المبتكرين الأفارقة وغير ذلك من الأنشطة والفعاليات الأخرى.
وفي الوقت الحالي، لا تزال التجارة مقيدة في جميع أنحاء أفريقيا، لكن العمل يجري على قدم وساق لجعلها أسرع وأسهل وهذا ضروري للمساعدة في تحقيق أحلام مندوبي الدول الذين عقدوا العزم وتوجهوا إلى إثيوبيا في عام 1963.
تم النشر في مايو 2023